في عالم الطب، هناك مقولة تؤكد على الأهمية القصوى للسرعة في مواجهة بعض المواقف الحرجة: “الوقت هو الدماغ”. تنطبق هذه العبارة بشكل خاص في حالة السكتة الدماغية. تحدث السكتة الدماغية عندما يتوقف تدفق الدم إلى جزء من الدماغ وتبدأ خلايا الدماغ في التلف والموت بسرعة بسبب نقص الأكسجين والمواد المغذية. كل دقيقة تأخير في العلاج يمكن أن تؤدي إلى أضرار أكثر ديمومة وإعاقات شديدة. ولهذا السبب فإن التدخل المبكر في علاج السكتة الدماغية يلعب دوراً ذهبياً وحاسماً في مصير المريض.
إن التعرف على العلامات التحذيرية للسكتة الدماغية يعد خطوة أولى حيوية لتسريع عملية العلاج. يمكن أن تظهر هذه الأعراض فجأة وتشمل:
ضعف مفاجئ أو خدر في الوجه أو الذراع أو الساق، وخاصة في جانب واحد من الجسم.
صعوبة مفاجئة في التحدث أو فهم الكلام.
مشكلة مفاجئة في الرؤية في إحدى العينين أو كلتيهما.
الدوخة المفاجئة وفقدان التوازن أو التنسيق.
صداع مفاجئ وشديد بدون سبب معروف.
بمجرد ملاحظة أي من هذه الأعراض، من الضروري الاتصال فورًا بخدمات الطوارئ (115 في إيران). لا يجب عليك الانتظار حتى تختفي الأعراض من تلقاء نفسها أو زيارة طبيب عام. إن الوقت هو جوهر المسألة في هذه المواقف، والتأخير قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها.
عند الوصول إلى المستشفى، يقوم الفريق الطبي على الفور بإجراء التقييمات اللازمة لتشخيص نوع السكتة الدماغية. هناك نوعان رئيسيان من السكتة الدماغية: السكتة الدماغية الإقفارية (التي تسببها انسداد أحد الأوعية الدموية في الدماغ) والسكتة الدماغية النزفية (التي تسببها نزيف في الدماغ). نوع السكتة الدماغية يحدد طريقة العلاج.
في حالة السكتة الدماغية الإقفارية، الهدف الرئيسي هو استعادة تدفق الدم بسرعة إلى المنطقة المتضررة من الدماغ. يمكن القيام بذلك عن طريق وصف الأدوية المذيبة للجلطات (مذيبات الجلطات). ومع ذلك، يجب إعطاء هذه الأدوية خلال النافذة الذهبية، خلال الساعات القليلة الأولى بعد ظهور الأعراض (عادة ما يصل إلى 4.5 ساعات)، لتكون أكثر فعالية وتقلل من خطر الآثار الجانبية. في بعض الحالات، وخاصة في السكتات الدماغية الناجمة عن انسداد الأوعية الدموية الكبيرة، قد يتم أيضًا استخدام الطرق الميكانيكية لإزالة الجلطة (استئصال الخثرة). في هذا الإجراء، يتم توجيه القسطرة عبر الشريان إلى موقع الجلطة في الدماغ ويتم إزالة الجلطة ميكانيكيًا. وينبغي أيضًا تنفيذ هذه الطريقة في أقرب وقت ممكن وفي إطار زمني محدد.
في حالة السكتة الدماغية النزفية، الهدف الرئيسي هو السيطرة على النزيف، وتقليل الضغط داخل الجمجمة، ومنع المزيد من الضرر للدماغ. قد يشمل العلاج الأدوية والتدابير الداعمة، وفي بعض الحالات، الجراحة لتصريف الدم أو إصلاح الأوعية التالفة.
بالإضافة إلى العلاجات الحادة، تعتبر الرعاية الداعمة مهمة جدًا أيضًا في الساعات والأيام الأولى بعد السكتة الدماغية. وتشمل هذه الرعاية التحكم في ضغط الدم، وسكر الدم، والأكسجين المناسب، ومنع المضاعفات الثانوية مثل العدوى وجلطات الدم في الساقين.
إن التركيز على الدور الذهبي للوقت يعني أن الوعي العام بأعراض السكتة الدماغية، والوصول السريع إلى خدمات الطوارئ، واستعداد المستشفيات لتوفير العلاج الفوري والفعال، كلها ذات أهمية قصوى. كلما بدأ العلاج مبكرًا، كلما قل احتمال حدوث تلف دائم في الدماغ وكلما زادت فرصة الشفاء التام.