Dementia

الخرف، أو Dementia، هو أحد الاضطرابات العصبية الإدراكية الشائعة التي تؤدي إلى تراجع تدريجي في القدرات الذهنية والإدراكية، مثل الذاكرة، اتخاذ القرار، حل المشكلات والتواصل.

هذه الحالة قد تنتج عن إصابات الدماغ، الأمراض العصبية التنكسية مثل ألزهايمر، أو مشاكل الأوعية الدموية وأمراض أخرى مثل باركنسون. ويؤثر الخرف بشكل كبير على جودة حياة المريض ومن حوله.

التشخيص المبكر والتدخل العلاجي المناسب يمكن أن يكون لهما دور مهم في السيطرة على هذا الاضطراب. في هذا المقال، سنناقش الأعراض المبكرة للخرف، طرق التشخيص، والخدمات المتاحة لإدارة المرض. تابع معنا.

الخرف: الأعراض الأولية وعلامات التحذير

قد تكون أعراض الخرف في مراحله المبكرة طفيفة، وأحيانًا لا يُلاحظها المريض أو المحيطون به، لكنها تزداد سوءًا بمرور الوقت. فيما يلي بعض العلامات المبكرة الشائعة:

  • ضعف الذاكرة قصيرة المدى
  • تراجع التركيز والانتباه
  • ضعف القدرة على اتخاذ القرارات والحكم الصحيح
  • تغيرات في السلوك والمشاعر
  • مشاكل في اللغة والتعبير
  • الضياع في الأماكن المألوفة

ضعف الذاكرة قصيرة المدى: يُعد فقدان الذاكرة قصيرة المدى من أولى وأكثر الأعراض شيوعًا. قد ينسى المصاب المحادثات الأخيرة، أماكن وضع الأشياء مثل المفاتيح أو النظارات، وحتى بعد تكرار التذكير، قد لا يتمكن من تذكر بعض المعلومات. قد يبدأ الأمر بشكل تدريجي، لكنه يتفاقم مع مرور الوقت. على سبيل المثال، قد ينسى الشخص مكان ركن سيارته، مواعيده المهمة، أو في الحالات المتقدمة أسماء المقربين أو أحداث رئيسية في حياته.

تراجع التركيز والانتباه:  يواجه مرضى الخرف صعوبة متزايدة في التركيز وإتمام المهام اليومية، حيث يجدون أنفسهم يشتتون بسهولة. على سبيل المثال، أثناء الطهي، قد ينسون إطفاء الموقد أو إضافة المكونات المطلوبة. وفي المحادثات اليومية، قد يفقدون تسلسل الحديث أو يجدون صعوبة في الاستجابة بشكل مناسب. هذا الانخفاض في التركيز قد يؤدي إلى تراجع الأداء في العمل والحياة اليومية.

ضعف القدرة على اتخاذ القرارات والحكم الصحيح: قد يواجه المصابون بالخرف مشاكل في اتخاذ القرارات وإدارة شؤونهم المالية والتخطيط اليومي. على سبيل المثال، قد ينفقون أموالهم على أشياء غير ضرورية أو ينسون دفع الفواتير الهامة. وفي بعض الحالات، قد لا يدركون المخاطر اليومية، مثل قيادة السيارة في ظروف غير آمنة، مما قد يعرض حياتهم للخطر.

تغيرات في السلوك والمشاعر: من الأعراض الشائعة الأخرى التغيرات الملحوظة في المزاج والسلوك، حيث قد يعاني المرضى من الاكتئاب، القلق، الانفعال السريع، أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانوا يستمتعون بها سابقًا. بعض المصابين قد يصبحون غير مبالين، بينما قد يصبح آخرون أكثر حساسية وعرضة للغضب أو القلق بسبب مواقف بسيطة. هذه التغيرات يمكن أن تؤثر بشدة على العلاقات الأسرية والاجتماعية، وتسبب ضغوطًا نفسية لمن حولهم.

مشاكل في اللغة والتعبير: صعوبة إيجاد الكلمات المناسبة أو استخدام كلمات غير صحيحة هي إحدى العلامات البارزة للخرف. على سبيل المثال، قد يقول المريض “ماء” بدلاً من “شاي”، أو ينسى أسماء أشياء يومية بسيطة. هذا الاضطراب في اللغة والتواصل يمكن أن يسبب الإحباط والتوتر، مما يؤدي إلى عزلة اجتماعية وتأثير سلبي على علاقاته بالآخرين.

الضياع في الأماكن المألوفة: يعد فقدان الإحساس بالمكان وعدم القدرة على التعرف على الأماكن المعروفة من الأعراض المهمة للخرف. قد يضيع الشخص في أماكن يذهب إليها بانتظام، أو ينسى كيف يعود إلى المنزل. في بعض الحالات، قد يشعر المريض بالارتباك داخل منزله، فلا يستطيع التعرف على الغرف المختلفة أو تحديد موقعه داخل المنزل. هذا الارتباك قد يؤدي إلى الشعور بالخوف والقلق، ويزيد من حاجته إلى المساعدة المستمرة.

فقدان الاهتمام بالأنشطة: أحد التغييرات الملحوظة لدى المصابين بـالخرف هو تراجع الاهتمام بالأنشطة التي كانت تمنحهم المتعة في السابق. فقد يفقدون الرغبة في ممارسة الهوايات مثل القراءة، الرياضة، أو لقاء الأصدقاء، ويميلون إلى قضاء المزيد من الوقت بمفردهم. قد يكون سبب هذه اللامبالاة هو الاكتئاب المرتبط بالمرض، أو فقدان القدرة على أداء بعض الأنشطة نتيجة المشكلات الإدراكية. كما أن قلة التفاعل الاجتماعي قد تسرّع من تطور المرض.

كيف تساعد الخدمات الطبية في تشخيص الخرف؟

يعتمد الأطباء على مجموعة متنوعة من الأدوات والفحوصات الطبية لتشخيص الخرف، ومن أهمها:

  • تخطيط كهربية الدماغ (EEG)
  • التصوير بالموجات فوق الصوتية دوبلر للدماغ
  • تخطيط كهربية العضلات والأعصاب (EMG)
  • التقييمات النفسية والإدراكية
  • التصوير الدماغي (MRI وCT)

 

تخطيط كهربية الدماغ (EEG)

تخطيط كهربية الدماغ (EEG) هو اختبار تشخيصي يسجل النشاط الكهربائي للدماغ. يساعد هذا الفحص الأطباء في اكتشاف الأنماط غير الطبيعية في وظائف الدماغ، والتي قد تظهر لدى مرضى الخرف.

يمكن أن يكشف EEG عن اضطرابات في الإشارات الكهربائية لبعض مناطق الدماغ، مما يساعد في التمييز بين الخرف واضطرابات أخرى مثل الصرع أو الاعتلال الدماغي (Encephalopathy). ويُعد هذا الاختبار مفيدًا بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من أعراض الخرف إلى جانب نوبات صرع أو ضعف في الإدراك.

 

التصوير بالموجات فوق الصوتية دوبلر للدماغ

سونوغرافي دوبلر للدماغ هو فحص غير جراحي يستخدم لقياس تدفق الدم في شرايين الدماغ. يمكن لهذا الفحص اكتشاف التضيّق أو الانسداد في الأوعية الدموية الدماغية، مما قد يؤدي إلى ضعف إمداد الدماغ بالأكسجين، وهو أحد العوامل التي تسهم في تفاقم الخرف.

على سبيل المثال، الأشخاص المصابون بـالخرف الوعائي غالبًا ما يعانون من اضطرابات في الأوعية الدموية، والتي يمكن كشفها بواسطة هذا الاختبار. يتميز هذا الفحص بأنه آمن، سريع، وغير مؤلم، ويوفر معلومات دقيقة عن صحة الدورة الدموية الدماغية.

 

تخطيط كهربية العضلات والأعصاب (EMG)

تخطيط كهربية العضلات والأعصاب (EMG) هو اختبار يقيس نشاط الأعصاب الطرفية والعضلات. ورغم أنه لا يستخدم مباشرةً في تشخيص الخرف، إلا أنه يمكن أن يساعد في استبعاد اضطرابات عصبية أخرى قد تتشابه أعراضها مع الخرف.

على سبيل المثال، أمراض مثل الاعتلال العصبي المحيطي، الوهن العضلي الوبيل (Myasthenia Gravis)، أو التصلب الجانبي الضموري (ALS) قد تؤدي إلى أعراض مشابهة للخرف. لذا، يساعد هذا الفحص الأطباء في التمييز بين هذه الحالات وتشخيص أي أمراض عصبية مصاحبة.

 

التقييمات النفسية والإدراكية

يعتمد الأطباء على اختبارات قياسية لتقييم الذاكرة، القدرة على حل المشكلات، التركيز، والمهارات اللغوية. تشمل هذه الاختبارات أدوات مثل:

  • اختبار الحالة العقلية المصغّر (MMSE)
  • تقييم مونتريال الإدراكي (MoCA)

تساعد هذه الاختبارات في قياس مدى تدهور الوظائف الإدراكية وتأثيرها على الأنشطة اليومية للمريض، حيث تُجرى عادةً شفهيًا أو كتابيًا، وتوفر معلومات شاملة عن الحالة العقلية والإدراكية للمريض.

 

التصوير الدماغي (MRI وCT)

يُعد التصوير الدماغي باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) أحد الطرق الأساسية لفحص بنية الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالخرف.

يُستخدم MRI للكشف عن التغيرات الهيكلية مثل:

  • ضمور الدماغ
  • انكماش الفص الصدغي (كما في مرض ألزهايمر)
  • إصابات الدماغ

بينما يمكن لـCT أن يساعد في تشخيص السكتات الدماغية الصامتة، النزيف، أو التشوهات الهيكلية. كما أن التصوير الدماغي يساهم في استبعاد الأسباب القابلة للعلاج مثل الأورام أو الاستسقاء الدماغي (Hydrocephalus).

متابعة وظائف الدماغ بتخطيط كهربية الدماغ (EEG)

يُعد EEG أداة مهمة في تشخيص أنواع معينة من الخرف، خاصةً تلك المرتبطة بـالصرع أو التغيرات في الأنماط الكهربائية للدماغ.

من بين أهم فوائد EEG:

  • التمييز بين الخرف واضطرابات عصبية أخرى مثل الصرع.
  • اكتشاف التغيرات الإدراكية في المراحل المبكرة من الخرف.
  • تقييم مدى فعالية العلاجات الدوائية وغير الدوائية.

يساعد هذا الفحص الأطباء في إدارة المرض بشكل أكثر دقة وفعالية.

زيارة الطبيب في المنزل للتقييم الشامل

بعد تشخيص الخرف، من الضروري وضع خطة علاجية وإدارة مناسبة للحالة. بعض التدابير التي يمكن أن تحسن حالة المرضى تشمل:

1. استشارة طبيب متخصص

زيارة طبيب الأعصاب تُعد أحد الخطوات الأولى في إدارة الخرف، حيث يقوم الطبيب بتقييم الأعراض وإجراء الاختبارات اللازمة لتحديد نوع الخرف ووضع خطة علاجية مناسبة.

2. العلاج الدوائي

تُستخدم بعض الأدوية مثل مثبطات الكولينستيراز والميمانتين للمساعدة في إبطاء تقدم المرض وتحسين الوظائف الإدراكية في مراحله المبكرة إلى المتوسطة.

3. إعادة التأهيل الإدراكي

تتضمن تمارين وأنشطة معرفية تساعد في تقوية الذاكرة والانتباه واتخاذ القرار، مما قد يبطئ تدهور القدرات الذهنية لدى المرضى.

4. الدعم النفسي والاجتماعي

المشاركة في مجموعات الدعم أو جلسات العلاج النفسي يمكن أن تساعد المرضى وعائلاتهم على التكيف مع التحديات العاطفية والذهنية التي يفرضها المرض.

5. تعديل نمط الحياة

  • اتباع نظام غذائي صحي
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
  • الحصول على قسط كافٍ من النوم
  • الانخراط في أنشطة اجتماعية

هذه التغييرات قد تساعد في تحسين جودة الحياة وتقليل أعراض الخرف.

الخاتمة

الخرف مرض معقد يؤثر بشدة على حياة المرضى وأسرهم. التشخيص المبكر واستخدام الخدمات الطبية المناسبة مثل استشارة طبيب الأعصاب يمكن أن يكونا مفتاحًا لإدارة المرض بشكل فعال.

إذا كنت أنت أو أحد المقربين منك يعاني من أعراض الخرف، فمن الأفضل مراجعة الطبيب في أقرب وقت ممكن. التشخيص المبكر لا يساعد فقط في إبطاء تقدم المرض، ولكنه أيضًا يوفر فرصًا علاجية أفضل لتحسين جودة الحياة.

الأسئلة الشائعة

هل يمكن الوقاية من الخرف؟
نعم، يمكن أن تساعد بعض أنماط الحياة مثل التغذية الصحية، وممارسة الرياضة، والتحكم في ضغط الدم، والنشاط الذهني في تقليل خطر الإصابة بالخرف.
لا، على الرغم من أن الخرف أكثر شيوعًا بين كبار السن، إلا أن بعض أنواعه قد تظهر لدى الأشخاص في منتصف العمر أيضًا.
ألزهايمر هو الشكل الأكثر شيوعًا من الخرف، لكنه يختلف عن الأنواع الأخرى مثل الخرف الوعائي وخرف أجسام ليوي والخرف الجبهي الصدغي من حيث الأسباب والأعراض.
الخرف لا يُعدّ حالة قابلة للشفاء في معظم الأحيان، ولكن يمكن أن تساعد الأدوية والعلاجات الداعمة في تخفيف الأعراض وتحسين نوعية الحياة.
الدكتور مجيد کیهانی فرد
الدكتور مجيد كيهاني فرد وُلد عام 1352 هـ.ش (1973 م) في مدينة أصفهان. في عام 1370 هـ.ش (1991 م)، التحق بكلية الطب في جامعة أصفهان بعد حصوله على المرتبة 54 في امتحان القبول الوطني في إيران. بعد الانتهاء من مرحلة الطب العام في جامعة الشهيد جمران بمدينة الأهواز، بدأ دراسته التخصصية في مجال أمراض الدماغ والأعصاب. خلال فترة تخصصه، قام بإجراء أبحاث مهمة حول مرض التصلب المتعدد (MS)، مما ساعده في تحقيق إنجازات كبيرة في مجال السيطرة على أعراض هذا المرض. في عام 1392 هـ.ش (2013 م)، حصل على لقب أفضل متخصص في أمراض الدماغ والأعصاب في أصفهان من قبل النظام الطبي في المحافظة. وفي نفس العام، ومع استشعاره لنقص الخدمات المتخصصة في علاج مرضى السكتة الدماغية، ذهب إلى سويسرا لإكمال زمالة فوق تخصصية في جراحة الأوعية الدموية. بعد إتمام هذه الدورة بنجاح، عاد إلى إيران ليواصل تقديم خدماته لشعبه. الحياة المهنية تركزت أبحاث الدكتور مجيد كيهاني فرد خلال فترة تخصصه على مرض التصلب المتعدد (MS)، حيث ساهم في فتح آفاق جديدة للتخفيف من أعراض هذا المرض. بالإضافة إلى ذلك، يقوم حاليًا بإجراء عمليات جراحية متقدمة في مجالات وضع الدعامات (Stent) وعمليات القسطرة (Angioplasty)، مما يُعد خطوة هامة في الوقاية من السكتات الدماغية وعواقبها السلبية. يعمل الدكتور كيهاني فرد في عدة مستشفيات، منها مستشفى ابن سينا، مستشفى تريتا، مستشفى پيامبران، بالإضافة إلى عيادته الشخصية، حيث يقوم بعلاج المرضى.
مقالات ذات صلة

مكتبة الأدوية

ابحث عن جميع الأدوية الخاصة بالدماغ والأعصاب هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *