تعد جودة النوم وصحة الدماغ من الموضوعات الشائعة في عالم العلم. ربما مررت بتجربة الشعور بسوء المزاج، قلة التركيز، الصداع، الاكتئاب، وغيرها من المشكلات الدماغية بعد ليلة نوم غير كافية. يعود ذلك إلى التأثير المباشر للنوم على صحة وأداء الدماغ. فقلة النوم قد تؤدي إلى تأثيرات ضارة مثل اضطرابات الذاكرة والتعلم، وزيادة خطر الإصابة بأمراض دماغية مثل ألزهايمر وباركنسون، بالإضافة إلى أضرار أخرى تصيب الدماغ. لكن لا داعي للقلق، فهذه المشكلة قابلة للحل. يمكن تحسين جودة النوم من خلال تغيير نمط الحياة، ممارسة التمارين الرياضية، استخدام بعض الأدوية، أو زيارة الطبيب المختص.
إذا كنت تعاني من الأرق المتكرر، فمن الأفضل مراجعة طبيب متخصص لإجراء فحص EEG (تخطيط كهربائية الدماغ) سواء في المنزل أو في العيادة، لتحديد السبب والبدء بالعلاج المناسب. في هذا المقال، سنستعرض معًا دور النوم في الوقاية من الأمراض العصبية والعوامل التي تساعد في تحسينه.
النوم ومراحله
عند النوم وحتى الاستيقاظ، يمر الجسم بمرحلتين أساسيتين: REM وNREM. تلعب هاتان المرحلتان دورًا مهمًا في تحسين جودة النوم وصحة الدماغ. وتنقسم مراحل النوم على النحو التالي:
- المرحلة الأولى من النوم:
وهي أولى مراحل NREM وتستمر من دقيقة إلى خمس دقائق. في هذه المرحلة، يدخل الشخص في حالة غفوة خفيفة حيث يبدأ نشاط الدماغ في التباطؤ تدريجيًا، ويمكن الاستيقاظ بسهولة. - المرحلة الثانية من النوم:
تُعرف بالنوم الخفيف، وتستمر ما بين 10 إلى 60 دقيقة. خلال هذه المرحلة، ينخفض نشاط الدماغ بشكل أكبر مقارنة بالمرحلة السابقة. - المرحلة الثالثة من النوم:
تُعرف بالنوم العميق، وتعد آخر مرحلة من NREM وتستمر من 20 إلى 40 دقيقة. هذه المرحلة لها تأثير إيجابي كبير على جودة النوم وصحة الدماغ. في هذه الفترة، ترتخي العضلات بشكل ملحوظ ويصبح نشاط الدماغ بطيئًا جدًا، مما يساعد بشكل كبير في تعزيز الذاكرة. - المرحلة الرابعة من النوم:
وهي مرحلة REM التي يحدث فيها رؤية الأحلام. تستمر من 10 إلى 90 دقيقة، وفيها يصبح نشاط الدماغ شديدًا بينما تصاب العضلات الحركية والتنفسية بشلل مؤقت، مما يجعل الاستيقاظ أكثر صعوبة. تعتبر هذه المرحلة الأكثر عمقًا في النوم وتلعب دورًا أساسيًا في إصلاح الدماغ وتعزيز وظائفه.
قد يمر كل شخص بعدد من مراحل النوم أو جميعها. عادةً يمكن للإنسان اجتياز دورة النوم الكاملة خلال الليل. إذا كنت تعاني من قلة النوم، فمن الأفضل مراجعة طبيب مختص في المخ والأعصاب في أسرع وقت ممكن. بعد تحديد السبب، يمكن البدء في العلاج، سواء كان ذلك دوائياً أو غير دوائي، لتجنب الإصابة بأمراض مثل الخرف.
علاقة النوم بصحة الدماغ
يُعتبر النوم الجيد من أهم العوامل للحفاظ على صحة الدماغ وتحسين جودة الحياة. تؤدي اضطرابات النوم، الناتجة عن أسباب مختلفة، إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتات الدماغية، الأمراض الوعائية الدماغية، ومرض التصلب المتعدد (MS). قلة النوم لا تسبب فقط الشعور بالتعب وسوء المزاج، بل قد تؤدي بمرور الوقت إلى مشكلات صحية أكثر خطورة، مثل التأثير السلبي على صحة القلب والأوعية الدموية. تؤكد جمعية القلب الأمريكية (AHA) على أن البالغين يجب أن يحصلوا على ما بين 7 إلى 9 ساعات من النوم يومياً. ومع ذلك، فإن جودة النوم لا تقل أهمية عن مدته؛ حيث إن اضطرابات النوم قد تمنع الوصول إلى النوم العميق حتى وإن كانت مدة النوم كافية، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
يؤثر ارتفاع ضغط الدم سلباً على وظائف الأوعية الدموية في الدماغ، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض العصبية. لذا، إذا كنت ترغب في حياة صحية خالية من المشكلات العصبية، فلا تهمل تأثير النوم على الدماغ. من جهة أخرى، النوم الجيد يمنحك طاقة كافية خلال النهار لأداء مهامك اليومية بكفاءة.
دور النوم الجيد في الوقاية من الأمراض العصبية

للنوم تأثير كبير على الدماغ والوقاية من الأمراض العصبية. أثناء النوم، يقوم الجسم بإنتاج البروتينات السيتوكينية (Cytokines) التي تعزز الجهاز المناعي وتحسن جودة النوم. عندما يواجه الجسم التهابات أو عدوى، يزداد إنتاج هذه البروتينات. لكن عند عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، تنخفض مستويات هذه السيتوكينات، بالإضافة إلى الأجسام المضادة وخلايا الجهاز المناعي، مما يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العصبية والعدوى.
يلعب النوم العميق (Deep Sleep) دوراً أساسياً في هذه العملية. في هذه المرحلة، يحصل الجسم على الراحة التامة، وينخفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب إلى أدنى مستوياتهما. كما يقوم الدماغ بالتخلص من السموم المتراكمة، مما يساعد على منع تراكم مواد ضارة مثل بيتا أميلويد (Beta-Amyloid) المرتبطة بمرض ألزهايمر (Alzheimer’s). وتشير الدراسات إلى أن قلة النوم تزيد من خطر الإصابة بالسمنة، السكري، وأمراض القلب.
مراحل النوم | فئات النوم | مدة النوم |
المرحلة الأولى | NREM | من 1 إلى 5 دقائق |
المرحلة الثانية | NREM | من 10 إلى 60 دقيقة |
المرحلة الثالثة | NREM | من 20 إلى 40 دقيقة |
المرحلة الرابعة | REM | من 10 إلى 90 دقيقة |
لمنع الأمراض العصبية، يحتاج البالغون إلى نوم يتراوح بين 7 إلى 9 ساعات يومياً، بينما يحتاج المراهقون إلى حوالي 9 إلى 10 ساعات، وقد يحتاج الأطفال إلى 10 ساعات أو أكثر.
ولكن النوم لساعات طويلة لا يعني بالضرورة أنه نوم عالي الجودة. فقد يؤدي النوم المفرط (أكثر من 9 إلى 10 ساعات) إلى انخفاض الجودة وصعوبة الدخول في النوم. لذلك، فإن تحقيق توازن بين كمية النوم وجودته يساعد في تعزيز الصحة العامة وتحسين أداء الدماغ.
الالتزام بعادات نوم صحية ومنتظمة يمكن أن يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة بشكل كبير.
تخطيط الدماغ (EEG) في المنزل وتقييم جودة النوم
يمكنك تقييم جودة نومك باستخدام تخطيط الدماغ (EEG) في المنزل لمعرفة الأنماط غير الطبيعية وتحديد أسباب اضطرابات النوم. هذه الخدمة تتيح لك إجراء التقييم بسهولة ودون الحاجة إلى زيارة العيادات الطبية. يساعد هذا الفحص في تسجيل النشاط الكهربائي للدماغ طوال الليل، مما يمنح الطبيب رؤية واضحة لما يحدث خلال مراحل النوم المختلفة. أثناء النوم، ينتقل الدماغ بين حالات مختلفة، ويمكن لـ EEG تسجيل هذه التغيرات عبر ترددات مختلفة.
إحدى هذه الترددات هي موجات دلتا، التي ترتبط بمرحلة النوم العميق وإعادة شحن الطاقة. عادةً ما تكون موجات دلتا في أعلى مستوياتها خلال الساعات الأولى من الليل عندما يحتاج الجسم إلى الراحة العميقة، وتبدأ في التناقص تدريجياً مع مرور الوقت.
أسباب الأرق وطرق علاجه

تعد جودة النوم وصحة الدماغ أمرين في غاية الأهمية، لذا فإن الخطوة الأولى لعلاج الأرق هي تحديد أسبابه. هناك عدة عوامل يمكن أن تؤدي إلى الأرق، مثل استهلاك الكافيين، النيكوتين، الكحول، التعرض للضغوط النفسية، أو وجود إصابات دماغية، والتي يمكن اكتشافها عبر TCCD أو من خلال التصوير الدماغي. الأرق مشكلة شائعة، ولحسن الحظ، هناك عدة طرق لعلاجه، تتراوح من التغييرات البسيطة في نمط الحياة إلى استخدام العلاجات الدوائية.
تشمل أهم طرق علاج الأرق ما يلي:
- تبني عادات نوم صحية: وتعرف أيضاً باسم نظافة النوم، وتشمل تحديد وقت ثابت للنوم والاستيقاظ، تهيئة بيئة نوم مريحة، والابتعاد عن المشروبات المنبهة مثل القهوة قبل النوم.
- استخدام الأدوية: يمكن لبعض الأدوية مثل المهدئات والحبوب المنومة، بالإضافة إلى الأدوية الخاصة بالصحة النفسية، أن تساعد في تحسين جودة النوم. من الضروري استخدام هذه الأدوية تحت إشراف الطبيب.
- الاهتمام بالصحة النفسية: تلعب الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب دوراً كبيراً في اضطرابات النوم، لذا فإن معالجة هذه المشكلات يمكن أن تساهم في تحسين النوم.
- حقن البوتوكس لعلاج الصداع النصفي: بالنسبة لمن يعانون من الأرق بسبب الصداع النصفي (Migraine)، يمكن أن تساعد حقن البوتوكس في تقليل نوبات الصداع وتحسين جودة النوم.
- التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (RTMS): تعد هذه التقنية واحدة من أكثر الطرق العلاجية فعالية للأرق، حيث تعمل على تحفيز مناطق معينة من الدماغ وتحسين وظائفه المرتبطة بالنوم.
يعتمد اختيار العلاج المناسب على سبب الأرق، وسيقوم الطبيب المختص بتحديد الخطة العلاجية المناسبة لك بناءً على حالتك. لا تتناول الأدوية المنومة بدون استشارة طبية، حيث يمكن أن تسبب آثاراً جانبية تؤثر على صحتك العامة.
نصائح ختامية واستشارة طبية
تلعب جودة النوم دوراً حاسماً في تحسين الأداء اليومي والحفاظ على صحة الدماغ. قد يكون الأرق نتيجة لعوامل متعددة، مثل تناول الكافيين، الكحول، الضغوط النفسية، الأمراض السابقة، الاضطرابات النفسية، أو المشكلات الدماغية الأخرى.
يمكن علاج الأرق من خلال اتباع استراتيجيات متعددة، مثل تحسين العادات اليومية، استخدام الأدوية عند الحاجة، أو اللجوء إلى العلاجات المتقدمة مثل البوتوكس للصداع النصفي وRTMS لتحفيز الدماغ.
إذا كنت تعاني من أعراض الأرق المستمرة، فمن الضروري استشارة الطبيب في أقرب وقت لاستعادة نمط النوم الصحي. للحصول على موعد واستشارة طبية، يمكنك التواصل مع الدكتور مجيد كياني فرد عبر الأرقام المتوفرة في صفحة الاتصال.
مصادر المحتوی
https://www.health.harvard.edu/heart-health/sleep-and-brain-health-whats-the-connection